الله عَزِل
نحن البشر.. حقا مساكين، نحيا دوما فى صراع مستمر، صراع مع الواقع وصراع اخر مع الخيال.. مساكين ولكنا نستحق الضرب بالاحذية لاننا وحدنا المتسببين فى كل ما نعانيه، متسببين فى خلق كل مقومات الصراع والمعاناة التى تحرق اعصابنا وتخنق افكارنا وتشل قدرتنا على مواجهة الاسباب! الشيئ المؤلم والمحزن فى آن واحد هو ان ترى ان شخص او فئة من البشر توكل نفسها الهة على حياة ومصير وقوت الاخرين، تحلل وتحرم وتقضى وتعاقب.. الى ان وصل بها الامر ان تقتل او تتسبب فى قتل الاخرين
احيانا اعود بذاكرتى للماضى القريب عندما كنت اعتنق الاسلام دينا ورثته كالغالبية العظمى من المسلمين.. احاول استحضار الماضى كما لو كنت انظر الى خبايا نفسى متأملا ذاتى كشخص اخر يطل من نافذه الحاضر على شخص غريب، لحظات استعيد فيها ذكريات اوقات قضيتها فى صراع بين ما تلقيته عن دينى وبين شكى وعلامات الاستفهام التى تدق عقلى دون هواده
ورغم علمى وفقا لما تلقيته ان ما افكر به حرام، وان علامات الاستفهام ربما هى علامات للكفر بعصب الدين الذى كبرت على حبه وتقديسه والاعتقاد التام بصحته، كان عزائى الوحيد على الاستمرار فى التساؤل والبحث هو شغفى بفهم دينى واعتقادى الراسخ بأن الاسلام دين ارسله خالقى لينير طريقى ويخبرنى بما اجهله ليقودنى الى السعادة الابدية ويسمو بروحى وذاتى للقاء خالقى الذى كنت على يقين دفين فى اعماقى بوجوده
كان بحثى وتساؤلى الدائم رغبه صادقة للتقرب من هذا الخالق العظيم الساكن فى اعماقى، ولم يكن لدىً ادنى شك فى ان اجد اجابات لكل تساؤلاتى، او ان اواجه اى صدام يثير فى نفسى مجرد الشك
وهنا يجب ان اعترف بأن معلوماتى عن دينى كانت محدودة جدا.. كعامة المسلمين، ولهذا ينتابنى احيانا احساس بالشفقة على المسلمين المصريين، واتفهم تماما ما يشعرون به من غضب عندما اهاجم الاسلام
استعادتى لذكريات الماضى لم تكن يوما من باب الحنين اليها ولكن لالقاء الضوء على فترة زمنية من حياتى لفهم كيف تحولت من مؤمن بالاسلام ومصدق لما جاء به.. الى كافر به وبنبيه والهه، وحتى اكون اكثر دقه.. محاولاتى للفهم لا تقتصر على فهم كيف ومتى، ولكن لفهم ألية التحول ومراحله ومدى تأثير عامل الادراك على سرعة استجابة العقل للتحول والتغيير
كلنا يعلم ان العقيدة الدينية بنيان يتم تأسيسه فى مرحلة الطفولة، بنيان يكبر وينمو داخلنا.. وبمرور الزمن يشكل جزء من الكيان النفسى والفكرى للشخص وينعكس على المظهر والسلوك، وكلما زاد تغلغل العقيدة الدينية فى هذا البنيان زادت حدة اثره على الفكر والسلوك، الى ان يتحول البنيان الى كائن لا يعى ولا يفهم ولا يتقبل اى نقد للعقيدة لانه يعتبر هذا النقد الة تدميريه لبنيانه وبالتالى يصبح من البديهى رفضها واتخاذ موقف دفاعى يجند فيه كل قواه لتكذيب ومحاربة اى نقد.. ليس لانه بالفعل فى حالة دفاع عن العقيدة الدينية لانه فى الحقيقة يجهل خباياها ولكن لانه فى حالة دفاع عن بنيانه الشخصى الذى يشكل الجانب العقائدى ركيزة اساسيه فى تكوينه
الاديان.. كل الاديان دون استثناء ليست اكثر من خرافات، خرافات لايستطيع احد فى الوجود اثبات صحة ما جاء بها من غيبيات واساطير.. لا احد على الاطلاق.. لا شيوخ ولا قساوسه ولا حخامات ولا اولياء صالحين او طالحين.. أكرر.. لا احد على الاطلاق
لا احد يمكنه اثبات ان هناك حياة بعد الموت، لا احد يستطيع ان يثبت ان هناك من له القدره على احياء ميت، لا احد فعل ولا احد يمكنه ان يفعل.. وكل ما جاء بأساطير الاديان بهذا الخصوص لا يرقى الى اى مستوى يمكن تصنيفه على انه حقيقه.. كل ما لدينا هو.. قال وقيل! حتى ان كان القائل إدعى الالوهية او ان القول يُفترض انه لإله.. لم يستطيع هذا الاله ان يثبت الى اليوم انه قادر على اثبات صحة ما نسب إليه أو ما قيل فرضا على لسانه
لا شك ان كلنا فى طفولته تسائل: اين الله؟ ولا شك انك سمعت نفس الرد فى طفولتك: فى كل مكان! رد.. واقولها بصراحة لم يمنع اى طفل من القاء المزيد من الاسئلة: يعنى ايه فى كل مكان؟ وهنا نتوقف قليلا لنحاول ان نفهم، ما الذى يدفع اى طفل ليسأل هذا السؤال؟ والاجابة البديهية هى ان الرد الاول لم يكن كافيا لاقناع طفل، لهذا استفهم عن المقصود بأن الله فى كل مكان.. كما نعلم جميعا كمسلمين حاليين او سابقين ان هذا النوع من الاسئلة غالبا ما يعاقب عليه الطفل بكلمه: حرام! حرام تسأل فين ربنا! حرام تسأل عايز اشوف ربنا! الخ، تساؤل الطفل يعبر فى الحقيقة عن فطره انسانية نقية غير ملوثة بالتخريف والتخويف، فكر طفولى برئ خالى من عفانة منطق الاديان ولا يحكمه سوى منطق الفطرة السوى، والذى يتحول فكره بمرور الوقت وللاسف الشديد الى نسخة كربونية من فكر اسرته وفقا للاسرة التى هو جزء منها، مسلمة كانت او مسيحية او غيرها
اليوم سنحاول معا ان نجيب على سؤال هذا الطفل، سنحاول معا ان نكون بصفاء ذهنه وبرائته.. دون تخويف او تخريف.. وبما ان السؤال يدور فى فلك ما يسمى بالاديان السماوية وبخاصة الدين الاسلامى فليكن السؤال : أين الله؟ أين هو؟ أين مكانه؟
بما اننا نبحث عن مكان هذا الاله المزعوم وجب علينا الاستعانة بما جاء فى الكتاب الذى قيل لنا انه كتابه.. كتاب الله.. القرآن، فهل يحوى القرآن على إشارات أو دلائل يمكننا الاعتماد عليها لمعرفة اجابة يطمئن لها العقل؟
الواقع ان الباحث فى القرآن عن دلائل واشارات بهذا الصدد، يجب ان يتحلى بقليل من الصبر وحده الذهن، وان يكون على قناعة تامه من ان سؤاله مباح ويستوجب الاجابة، ولا أخفى على القارئ ان تجريد القرآن من القدسية الزائفة يسهل التعامل مع نصوصه السجعية ويكشف حقيقتها البدائية ويجعل الباحث يرى بعمق وشفافية ما يبحث عنه
آيات القرآن التى قد تساهم فى الاجابة على السؤال عديدة، ولكن كما نعلم ان معظم القرآن يخضع لما يسمى بالتأويل، والتأويل بإختصار نوع من التزييف والتدليس المراد به تغيير الحقيقة التى يؤول اليها امر او خبر وذلك بالتلاعب فى تفسير المعنى والمدلول اللفظى للكلام، ولهذا حاولت جاهدا حصر الايات القرآنية التى لا يمكن الافلات من معناها اللفظى وتأويلها بما يخالف النص القرآنى وذلك لتضييق الخناق على هواه التدليس بالتأويل للهروب او الدفاع عن التخريف الواضح فى معظم روايات ونصوص القرآن
الاجابة على السؤال كانت تحتاج الى معرفه شيئ واحد وهو.. المكان.. مكان الله، ولمعرفة مكان شخص ما يجب تحديد مسار بحثى واضح المعالم لحصر كل معلومة غير قابلة للتفسير بأكثر من معنى حتى نصل الى افضل حساب ممكن يتيح لنا تحديد مكان الله فى الكون الذى نعرفه اليوم
الله غير عنوانه
الآيه السابعة من سورة هود تحوى دليل قرآنى قاطع على ان الله عًزل! أى غير عنوانه! حيث تقول: وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ.. خساره! لاننا اطفال غير محظوظين أتينا متأخرين جدا وفاتتنا زيارة عرش الله على ظهر عبارة مثل كوين مارى قبل تحويلها الى اوتيل عائم فى لونج بيتش، او ان كنت من هواه الموت فى سبيل الله فعلى ظهر عبارة مثل عبارة السلام 98 قبل غرقها! لكن للاسف الشديد.. جاءنا القرآن المجيد بالخبر الاكيد.. الله عزل! ولكن الى أين إنتقل الله بعرشه وعفشه وملائكته؟ الى السماء.. ويأتى الخبر الاكيد فى سورة السجدة: يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ! اوكى.. ولكن اى سماء يقصدها القرآن؟ الاولى ام الثانية ام السابعه؟ بقليل من البحث نجد الاجابة بين دفتى قرآن ابن امنه فى سورة الحج: وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأرْضِ إِلا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ! إذن فالسماء التى يتحدث عنها لابد وان تكون اقرب السموات السبع الى الارض! الآن استطعنا معرفة الى اى سماء رحل، ولكن هذا لا يكفى.. الاطفال سألت اين الله؟ أى اين مكان هذا الخلبوص على وجه التحديد؟ فهل يمكننا تحديد مكان الله خاصة وانه قال فى سورة الجاموسة: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ! اى انه بالفعل فى اقرب سماء من الارض؟ فعلى اضعف تقدير هل يمكننا حساب المسافة بيننا وبينه؟
حساب المسافة سيدفعنا الى مزيد من البحث فى القرآن كى نوفر معطيات عن السرعة والزمن لنتمكن من حساب المسافة بيننا وبين الله، فهل توجد اى معطيات عن السرعة والزمن تساعدنا على حساب المسافة بيننا وبينه؟
الواقع نعم.. توجد آيات ولكنها ليست فقط بدائية جدا ولكنها ايضا متضاربة وتعكس مدى جهل وتخبط كاتب القرآن، فعلى سبيل المثال نجد ان وحدة قياس السرعة فى القرآن بدائية للغاية لان العرب كانوا يحسبون المسافة بعدد الايام التى يقطعونها سيرا (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ) من مكان الى اخر، كأن يقولوا مثلا ان المسافة بين هذه القرية واخرى تساوى يوم وليلة بسير الإِبل المحملة بالأثقال سيرا معتادا، وقد ورد فى فقه المذاهب الأربعة أن المسافة التى تقصر فيها الصلاة فى السفر هى ستة عشر فرسخا ذهابا فقط ، والفرسخ ثلاثة أميال ، والميل ستة آلاف ذراع بذراع اليد ، وهذه المسافة تساوى ثمانين كيلو ونصف كيلو ومائة وأربعين مترا، مما يؤكد ان السرعة عند العرب كانت تقاس بسرعة سير الابل المحملة بالاثقال! ولكن ورد فى آيات قرآنية اخرى ما يفيد علم العرب بوحدة قياس سرعة قياسى اسمه (لمح البصر) ونجد امثلة على ذلك فى سورة النحل: وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ! كما نجد ايه اخرى فى سورة القمر: وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ. وكما نعلم فإن لمح البصر يقصد به طرفة العين وهى تساوى عُشر الثانية، ولا يمكن اخذ هذا فى الاعتبار كوحدة قياس سرعة لانها تخالف ما جاء فى آيات اخرى تتحدث عن الزمن كما فى سورة السجدة: يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ. مما تعدون اى سنه قمرية مما يعد العرب وليس سنة ميلادية، بدليل قوله فى سورة يونس: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ. وهنا تقابلنا مشكلة وهى تضارب الايه رقم 5 من سورة السجدة والتى يقول فيها ان الملائكة تعرج اليه فى يوم مقداره الف سنه: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ. وبين الايه رقم 4 من سورة المعارج: تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ! فرق يساوى 49 الف سنه! مما تعدون، على اى حال وبرغم ان الايه رقم 47 من سورة الحج تؤكد خطأ ما جاء بسورة المعارج حيث يقول: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ. دعونا نستخدم ما جاء بسورة المعارج ونحسب المسافة وفقا لحساب اليوم يساوى خمسين الف سنه، بما اننا اخذنا فى الاعتبار حساب سرعة الخيل وهى فى اقصاها تصل الى 70 كيلومتر فى الساعة واهملنا سرعة (لمح البصر)، وعليه تكون المسافة بيننا وبين الله فى سمائه التى ذكرها فى سورة المعارج آية 9 على بعد 29736000000 كيلومتر من كوكب الارض، اى على بعد 99188423 ثانية ضوئية، اى 0,003 سنة ضوئية بالتمام والكمال! واو.. الله وسمائه اقرب الينا من اقرب نجم لمجموعتنا الشمسية
هل سمعت احد الاطفال يسأل: اذا كانت َتعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، كيف اذا لجبريل ان يهبط من السماء بالوحى مرارا على محمد فى فتره مقدارها 23 سنه مما تعدون؟ لابد وان الوحى نزل على محمد بينما كان الله يعيش فى عرشه فوق الماء.. اى.. قبل ما يعزل
احيانا اعود بذاكرتى للماضى القريب عندما كنت اعتنق الاسلام دينا ورثته كالغالبية العظمى من المسلمين.. احاول استحضار الماضى كما لو كنت انظر الى خبايا نفسى متأملا ذاتى كشخص اخر يطل من نافذه الحاضر على شخص غريب، لحظات استعيد فيها ذكريات اوقات قضيتها فى صراع بين ما تلقيته عن دينى وبين شكى وعلامات الاستفهام التى تدق عقلى دون هواده
ورغم علمى وفقا لما تلقيته ان ما افكر به حرام، وان علامات الاستفهام ربما هى علامات للكفر بعصب الدين الذى كبرت على حبه وتقديسه والاعتقاد التام بصحته، كان عزائى الوحيد على الاستمرار فى التساؤل والبحث هو شغفى بفهم دينى واعتقادى الراسخ بأن الاسلام دين ارسله خالقى لينير طريقى ويخبرنى بما اجهله ليقودنى الى السعادة الابدية ويسمو بروحى وذاتى للقاء خالقى الذى كنت على يقين دفين فى اعماقى بوجوده
كان بحثى وتساؤلى الدائم رغبه صادقة للتقرب من هذا الخالق العظيم الساكن فى اعماقى، ولم يكن لدىً ادنى شك فى ان اجد اجابات لكل تساؤلاتى، او ان اواجه اى صدام يثير فى نفسى مجرد الشك
وهنا يجب ان اعترف بأن معلوماتى عن دينى كانت محدودة جدا.. كعامة المسلمين، ولهذا ينتابنى احيانا احساس بالشفقة على المسلمين المصريين، واتفهم تماما ما يشعرون به من غضب عندما اهاجم الاسلام
استعادتى لذكريات الماضى لم تكن يوما من باب الحنين اليها ولكن لالقاء الضوء على فترة زمنية من حياتى لفهم كيف تحولت من مؤمن بالاسلام ومصدق لما جاء به.. الى كافر به وبنبيه والهه، وحتى اكون اكثر دقه.. محاولاتى للفهم لا تقتصر على فهم كيف ومتى، ولكن لفهم ألية التحول ومراحله ومدى تأثير عامل الادراك على سرعة استجابة العقل للتحول والتغيير
كلنا يعلم ان العقيدة الدينية بنيان يتم تأسيسه فى مرحلة الطفولة، بنيان يكبر وينمو داخلنا.. وبمرور الزمن يشكل جزء من الكيان النفسى والفكرى للشخص وينعكس على المظهر والسلوك، وكلما زاد تغلغل العقيدة الدينية فى هذا البنيان زادت حدة اثره على الفكر والسلوك، الى ان يتحول البنيان الى كائن لا يعى ولا يفهم ولا يتقبل اى نقد للعقيدة لانه يعتبر هذا النقد الة تدميريه لبنيانه وبالتالى يصبح من البديهى رفضها واتخاذ موقف دفاعى يجند فيه كل قواه لتكذيب ومحاربة اى نقد.. ليس لانه بالفعل فى حالة دفاع عن العقيدة الدينية لانه فى الحقيقة يجهل خباياها ولكن لانه فى حالة دفاع عن بنيانه الشخصى الذى يشكل الجانب العقائدى ركيزة اساسيه فى تكوينه
الاديان.. كل الاديان دون استثناء ليست اكثر من خرافات، خرافات لايستطيع احد فى الوجود اثبات صحة ما جاء بها من غيبيات واساطير.. لا احد على الاطلاق.. لا شيوخ ولا قساوسه ولا حخامات ولا اولياء صالحين او طالحين.. أكرر.. لا احد على الاطلاق
لا احد يمكنه اثبات ان هناك حياة بعد الموت، لا احد يستطيع ان يثبت ان هناك من له القدره على احياء ميت، لا احد فعل ولا احد يمكنه ان يفعل.. وكل ما جاء بأساطير الاديان بهذا الخصوص لا يرقى الى اى مستوى يمكن تصنيفه على انه حقيقه.. كل ما لدينا هو.. قال وقيل! حتى ان كان القائل إدعى الالوهية او ان القول يُفترض انه لإله.. لم يستطيع هذا الاله ان يثبت الى اليوم انه قادر على اثبات صحة ما نسب إليه أو ما قيل فرضا على لسانه
لا شك ان كلنا فى طفولته تسائل: اين الله؟ ولا شك انك سمعت نفس الرد فى طفولتك: فى كل مكان! رد.. واقولها بصراحة لم يمنع اى طفل من القاء المزيد من الاسئلة: يعنى ايه فى كل مكان؟ وهنا نتوقف قليلا لنحاول ان نفهم، ما الذى يدفع اى طفل ليسأل هذا السؤال؟ والاجابة البديهية هى ان الرد الاول لم يكن كافيا لاقناع طفل، لهذا استفهم عن المقصود بأن الله فى كل مكان.. كما نعلم جميعا كمسلمين حاليين او سابقين ان هذا النوع من الاسئلة غالبا ما يعاقب عليه الطفل بكلمه: حرام! حرام تسأل فين ربنا! حرام تسأل عايز اشوف ربنا! الخ، تساؤل الطفل يعبر فى الحقيقة عن فطره انسانية نقية غير ملوثة بالتخريف والتخويف، فكر طفولى برئ خالى من عفانة منطق الاديان ولا يحكمه سوى منطق الفطرة السوى، والذى يتحول فكره بمرور الوقت وللاسف الشديد الى نسخة كربونية من فكر اسرته وفقا للاسرة التى هو جزء منها، مسلمة كانت او مسيحية او غيرها
اليوم سنحاول معا ان نجيب على سؤال هذا الطفل، سنحاول معا ان نكون بصفاء ذهنه وبرائته.. دون تخويف او تخريف.. وبما ان السؤال يدور فى فلك ما يسمى بالاديان السماوية وبخاصة الدين الاسلامى فليكن السؤال : أين الله؟ أين هو؟ أين مكانه؟
بما اننا نبحث عن مكان هذا الاله المزعوم وجب علينا الاستعانة بما جاء فى الكتاب الذى قيل لنا انه كتابه.. كتاب الله.. القرآن، فهل يحوى القرآن على إشارات أو دلائل يمكننا الاعتماد عليها لمعرفة اجابة يطمئن لها العقل؟
الواقع ان الباحث فى القرآن عن دلائل واشارات بهذا الصدد، يجب ان يتحلى بقليل من الصبر وحده الذهن، وان يكون على قناعة تامه من ان سؤاله مباح ويستوجب الاجابة، ولا أخفى على القارئ ان تجريد القرآن من القدسية الزائفة يسهل التعامل مع نصوصه السجعية ويكشف حقيقتها البدائية ويجعل الباحث يرى بعمق وشفافية ما يبحث عنه
آيات القرآن التى قد تساهم فى الاجابة على السؤال عديدة، ولكن كما نعلم ان معظم القرآن يخضع لما يسمى بالتأويل، والتأويل بإختصار نوع من التزييف والتدليس المراد به تغيير الحقيقة التى يؤول اليها امر او خبر وذلك بالتلاعب فى تفسير المعنى والمدلول اللفظى للكلام، ولهذا حاولت جاهدا حصر الايات القرآنية التى لا يمكن الافلات من معناها اللفظى وتأويلها بما يخالف النص القرآنى وذلك لتضييق الخناق على هواه التدليس بالتأويل للهروب او الدفاع عن التخريف الواضح فى معظم روايات ونصوص القرآن
الاجابة على السؤال كانت تحتاج الى معرفه شيئ واحد وهو.. المكان.. مكان الله، ولمعرفة مكان شخص ما يجب تحديد مسار بحثى واضح المعالم لحصر كل معلومة غير قابلة للتفسير بأكثر من معنى حتى نصل الى افضل حساب ممكن يتيح لنا تحديد مكان الله فى الكون الذى نعرفه اليوم
الله غير عنوانه
الآيه السابعة من سورة هود تحوى دليل قرآنى قاطع على ان الله عًزل! أى غير عنوانه! حيث تقول: وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ.. خساره! لاننا اطفال غير محظوظين أتينا متأخرين جدا وفاتتنا زيارة عرش الله على ظهر عبارة مثل كوين مارى قبل تحويلها الى اوتيل عائم فى لونج بيتش، او ان كنت من هواه الموت فى سبيل الله فعلى ظهر عبارة مثل عبارة السلام 98 قبل غرقها! لكن للاسف الشديد.. جاءنا القرآن المجيد بالخبر الاكيد.. الله عزل! ولكن الى أين إنتقل الله بعرشه وعفشه وملائكته؟ الى السماء.. ويأتى الخبر الاكيد فى سورة السجدة: يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ! اوكى.. ولكن اى سماء يقصدها القرآن؟ الاولى ام الثانية ام السابعه؟ بقليل من البحث نجد الاجابة بين دفتى قرآن ابن امنه فى سورة الحج: وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأرْضِ إِلا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ! إذن فالسماء التى يتحدث عنها لابد وان تكون اقرب السموات السبع الى الارض! الآن استطعنا معرفة الى اى سماء رحل، ولكن هذا لا يكفى.. الاطفال سألت اين الله؟ أى اين مكان هذا الخلبوص على وجه التحديد؟ فهل يمكننا تحديد مكان الله خاصة وانه قال فى سورة الجاموسة: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ! اى انه بالفعل فى اقرب سماء من الارض؟ فعلى اضعف تقدير هل يمكننا حساب المسافة بيننا وبينه؟
حساب المسافة سيدفعنا الى مزيد من البحث فى القرآن كى نوفر معطيات عن السرعة والزمن لنتمكن من حساب المسافة بيننا وبين الله، فهل توجد اى معطيات عن السرعة والزمن تساعدنا على حساب المسافة بيننا وبينه؟
الواقع نعم.. توجد آيات ولكنها ليست فقط بدائية جدا ولكنها ايضا متضاربة وتعكس مدى جهل وتخبط كاتب القرآن، فعلى سبيل المثال نجد ان وحدة قياس السرعة فى القرآن بدائية للغاية لان العرب كانوا يحسبون المسافة بعدد الايام التى يقطعونها سيرا (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ) من مكان الى اخر، كأن يقولوا مثلا ان المسافة بين هذه القرية واخرى تساوى يوم وليلة بسير الإِبل المحملة بالأثقال سيرا معتادا، وقد ورد فى فقه المذاهب الأربعة أن المسافة التى تقصر فيها الصلاة فى السفر هى ستة عشر فرسخا ذهابا فقط ، والفرسخ ثلاثة أميال ، والميل ستة آلاف ذراع بذراع اليد ، وهذه المسافة تساوى ثمانين كيلو ونصف كيلو ومائة وأربعين مترا، مما يؤكد ان السرعة عند العرب كانت تقاس بسرعة سير الابل المحملة بالاثقال! ولكن ورد فى آيات قرآنية اخرى ما يفيد علم العرب بوحدة قياس سرعة قياسى اسمه (لمح البصر) ونجد امثلة على ذلك فى سورة النحل: وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ! كما نجد ايه اخرى فى سورة القمر: وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ. وكما نعلم فإن لمح البصر يقصد به طرفة العين وهى تساوى عُشر الثانية، ولا يمكن اخذ هذا فى الاعتبار كوحدة قياس سرعة لانها تخالف ما جاء فى آيات اخرى تتحدث عن الزمن كما فى سورة السجدة: يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ. مما تعدون اى سنه قمرية مما يعد العرب وليس سنة ميلادية، بدليل قوله فى سورة يونس: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ. وهنا تقابلنا مشكلة وهى تضارب الايه رقم 5 من سورة السجدة والتى يقول فيها ان الملائكة تعرج اليه فى يوم مقداره الف سنه: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ. وبين الايه رقم 4 من سورة المعارج: تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ! فرق يساوى 49 الف سنه! مما تعدون، على اى حال وبرغم ان الايه رقم 47 من سورة الحج تؤكد خطأ ما جاء بسورة المعارج حيث يقول: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ. دعونا نستخدم ما جاء بسورة المعارج ونحسب المسافة وفقا لحساب اليوم يساوى خمسين الف سنه، بما اننا اخذنا فى الاعتبار حساب سرعة الخيل وهى فى اقصاها تصل الى 70 كيلومتر فى الساعة واهملنا سرعة (لمح البصر)، وعليه تكون المسافة بيننا وبين الله فى سمائه التى ذكرها فى سورة المعارج آية 9 على بعد 29736000000 كيلومتر من كوكب الارض، اى على بعد 99188423 ثانية ضوئية، اى 0,003 سنة ضوئية بالتمام والكمال! واو.. الله وسمائه اقرب الينا من اقرب نجم لمجموعتنا الشمسية
هل سمعت احد الاطفال يسأل: اذا كانت َتعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، كيف اذا لجبريل ان يهبط من السماء بالوحى مرارا على محمد فى فتره مقدارها 23 سنه مما تعدون؟ لابد وان الوحى نزل على محمد بينما كان الله يعيش فى عرشه فوق الماء.. اى.. قبل ما يعزل