نورعلى نور
كنت دوما اتساءل لماذا لم ارى ولو مره واحده كائن من تلك الكائنات التى يطلقون عليها فى الاديان ملائكة.. لماذا لم يراها جمع من الناس او يصورها احد؟ ربما لاننا كفره او مغضوب علينا (إهق إهق) كما يتحجج المغفلين؟ اوكى خلينا وراء الكداب لحد الباب! اذن لماذا لم ارى يوما شيطان او يراه احد من الناس؟ ربما لاننا مخابيل ونبحث عن وهم لا وجود له
فى الدين.. وتحديدا فى الاسلام.. لم يرى احد الملائكة او الشياطين سوى محمد بن امنه، هو وحده ولا احد سواه! وقد تناولت فى المقال السابق كيف ان ابن امنه الاهبل وصلت به البجاحة والاستهبال الى حد ادعاء ان ملاك ضخم ذو اجنحة سدت الافق أتاه من السماء فى غار حراء! ملاك خلقه الهه من نور وبهذه الضخامه ومع ذلك لم يراه احد سواه! آحييييه
ولا حتى نوره؟ لا .. ولا حتى نوره! ولم يضئ الافق ويعمى بنوره الابصار؟ لا.. لم يضيئ الافق ولم يعمى بنوره احد لان احدا لم يراه سوى حمام
اذن فمن المؤكد انه كان مشغل الفرياتور وموطى نوره عشان فاتورة الكهرباء؟ لا أظن وإلا ما استطاع حمام رؤيته او عد اجنحته
اذن كيف تفسر ان ملاك مخلوق من النور.. سد الافق بحجمه الهائل.. ومع ذلك لم يراه احد سوى محمد؟
كيف تفسر ان اله محمد .. هو الاخر .. نور على نور وموجود يا عبموجود فى كل مكان ومع ذلك لا يراه احد فى الليل؟
هل لانه نور ضعيف جدا الى حد ان لا يراه احد سوى المهابيل؟
ثم لماذا هُم من النور وليسوا من الخراء مثلا؟ العرب صنعوا الهة من العجوه واكلوها فتحولت الهتهم الى خراء مقدس! فلماذا النور؟
هل لان النور يأتينا من الشمس؟
وان الشمس كانت رمز الاله عند اجدادنا الفراعنة؟
ام انها صدفه.. صدفة ان الفراعنة قدسوا الشمس وان العربان وغيرهم لم يجدوا شيئا اخر سوى النور الذى هو اقل ممن يصدره اى الشمس ليكون هو مادة خلق الملائكة ومادة كينونة صنمهم المسمى الله؟
من اسم الله هذا الصنم النكره الذى لا وجود له نستطيع بقليل من الجهد الذهنى ان نفهم لماذا هو نور على نور ولماذا النور وليس الخراء
فى العهود الغابرة وهذا وراد فى كل الاديان دون استثناء، اعتقد البشر ان الارض مسطحة، وجاء هذا الاعتقاد نتيجة جهل عامة الناس بأسرار الفلك التى كانت حكرا على كهنة الفراعنة وعلمائهم ومهندسيهم الذين تركوا من الاثار ما يؤكد علمهم بأشياء لا نعلم عنها شيئ لليوم.. اذن اعتقد عامة الناس ان الارض مسطحة ولهذا خلطوا عن جهل مدلول الفاظ اللغة المصرية القديمة وتناولوها بسطحية تتماشى مع اعتقادهم بسطحية الارض
اليوم فى لغتنا الدارجة ما زلنا نستخدم كلمات مصرية تحمل معانى واضحة ومحددة ومعبرة بقوة عن المفهوم الفرعونى لعقيدة اجدادنا.. ولانها هى الاصل الذى صمم ليعبر عن رؤية الاجداد نجد ان نفس الالفاظ وبنفس الاصوات تحوى نفس المعنى القديم ولم تحيد عنه.. لا فى المعنى ولا فى المضمون ولا فى الصوت
ظن العربان وكل من نهل من تراث وعقيدة اجدادنا ان الارض مسطحة.. وبما انها مسطحة اذن النور (للناظر) يأتى من العلى وليس من تحت الاقدام، وهنا مربط الفرس
لنفهم.. علينا ان نفسر معانى الاصوات المصرية القديمة وكيف يتم تركيبها لصياغة اصوات تعبر عن معنى حسى مفهوم وواضح ومحدد
الصوت (ع) فى لغتنا القديمة يرمز دوما لشيئ واحد.. الرفعة والسمو.. الرفعة بمعنى العظمة والارتفاع سواء فى المكانة والشأن او المكان.. وما زلنا نستعملها بنفس المعنى لليوم عندما نقول بلغتنا الدارجة مثلا (عالى) فهذا يعنى مرتفع سواء للمكان او المكانة اى الشأن، والاصل ينطق فى الديموطقية (عال) ويعبر عن نفس المعنى، وما زلنا نحن المصريون نستخدمها بنفس المعنى القديم عندما يسأل احدنا الاخر.. ماشى الحال؟ فنرد: الحال عال العال. وهنا المعنى وان كان عامة الناس لا تدركه اليوم على وجه التحديد الا انه يترجم معنى اعمق بكثير مما يعتقد الناس .. عال العال تعنى ان قائلها يتضـ (رع) للإله (رع) شاكرا فضله فى علاه (الـ عال) اى مأواه او بمعنى اخر فى بيته! وفى لغتنا الدارجة ايضا نقول: البيت عامر (عا مر) اى البيت ملئ بالخير لكل من ( مر ) به، كما نقول ايضا (يجعله عامر) اى يجعله كبيت الاله رع ملئ بالخير للبشر! هذا اللفظ المصرى تسرب الى لغات عديدة ولن تكون مفاجأة ان قلت لك انه حمل معه نفس المعنى.. ففى اللغة العبرية نجد كلمة על وتنطق (عال) تماما كما فى المصرية القديمة والدارجة وتحمل ايضا نفس المعنى وتعنى المرتفع او على، اما الطريف والذى يؤكد مدى تأثير العقيدة الفرعونية وتسربها للعبرانيين هو أن كلمة בית אל العبرية تعنى بيت العال! هل تعلم المقصود؟ المقصود من الكلمة (بيت رع) اى بيت الإله ولكنهم بالطبع اليوم لا يقصدون (رع) ولكن بيت الآل او بيت (اللــه) ولتأكيد المقصد نجد ان كلمة בת אל (بت العال) او بنت الآل تعنى إبنة الله، ومن منا لم يسمع بإسم شركة الطيران الاسرائيلية אל על العال والتى تعنى (صعودا للعلا اى للسماء) إذن يا عبد العال أفندي يا خويا.. انت تعبد فى واقع الامر مسخ منسوخ ومسلوخ عن الاصل الفرعونى العالى فى علاه رب الارباب العال.. الاله (العــا) دل، اى الذى يــ (دل) اى يُهبط الخير على عباده من علاه، ولهذا فمن الطبيعى ووفقا لفكر الفراعنة وتراثهم ان يكون هذا العال المتمثل فى الشمس الساطعة التى تجلب الخير للبشر والتى لا حياة بدونها على الارض.. ان يكون هذا الاله نور على نور وليس نارا على نار، وان تكون ملائكته ايضا من النور.. ولكن من اين لطشت الاديان السماوية الاجنحة؟
سبق ان اوضحت فى مقال سابق ان الفراعنة كانوا يعتقدون بالبعث بعد الموت، وكانوا يعزون هذا الفكر الى اعتقادهم بأن رب السماء العظيم الذى لا تراه العيون (آمين رع) خلق الانسان من ثلاثة وسائط.. الوسيط الاول والمرئى هو (الجسد) والوسيط الثانى الذى هو جزء من ذاته العليا هى (الروح) والذى يُفهم من اسمها انها مؤقته ويستعيدها (آمون رع) وقتما اصبح الجسد غير صالح لان تسكنه الروح، هذا الوسيط ذو القوه الخارقة ما كان للجسد ان يحتملها دون وسيط، هذا الوسيط يسكن فى مكان محدد بالجسد وهو (القلب) وهو المسئول الاول والاخير عن رعاية الجسد ليكون صالحا لسكن الروح، المسئول عن الخير والشر ولهذا فهو الوحيد الذى يحاسب عندما يحين موعد الحساب فإما ان يفوز بإعادته الى الجسد ليحيا فى البرزخ الى جوار الالهة والصالحين او يلقى به الى ملك الموت ليأكله
الروح عند الفراعنة كما وردت فى البرديات ونقوش المعابد كان يرمز لها بطائر ذو اجنحة، والحقيقة ان الفراعنة كانوا من سمو الفكر بأن بجلوا العديد من الكائنات لدورها الهام فى الحياة، وليس ذنبا ان تسيئ فهم ثقافة وفكر بشر قدسوا البقرة لما تجلبه من خير، فتقرر انت ان تتخذها الها وتحرم على نفسك اكلها وتعبدها
او انهم قدسوا ثعبان الكوبرا فتقوم انت بعبادته، او انهم حرموا تقديس الخنزير او مجرد ذكر إسمه لانه كان حيوان الاله الشرير (ست) فتقوم انت بتحريم اكله مفتعلا امر من السماء والواقع انه من اساطير الفراعنة.. اما ان تسرق بكل بجاحة رمز الروح عند الفراعنة وتدعى ان ملائكة صنمك الذى تعبده لها من الاجنحة مثنى وثلاث ورباع فهذا افتراء وتبجح فظ ومثير للسخرية لانك لم تفهم ان طير الفراعنة ليس اكثر من رمز، وان نور شمس الفراعنة ليس اكثر من رمز، لان معنى اسم الاله (آمين رع) هو: إله الحكمة الذى لا تراه العيون، اى الخفى.. اما الشمس والنور الصادر عن الشمس فقد ترك الفراعنة من الاثار ليس فقط ما يؤكد علمهم بكينونة الشمس وضوء الشمس ولكنهم تركوا ما يبين جليا تسخيرهم للشمس وضوء الشمس فى اضاءة المعابد، ولا يصح لبشر عاقل ان يتصور ان الفراعنة العظماء عبدوا ما جعلوا منه سخره.. شتان بين التقديس والتبجيل والاعتراف بفضل كائن اى كان، وبين عبادته واتخاذه الها