تصلنى بين الحين والاخر اسئلة عن ماهية خالق الكون الحقيقى الذى اتحدث عنه، الخالق الذى اؤمن يقينا بوجوده مثلما اؤمن يقينا بأنه لم يرسل الانبياء والرسل أوالكتب التى ينسبها للخالق من يسمون انفسهم باصحاب الكتب السماوية
الحديث عن الخالق الحقيقى يوجب فى رأيى فهم وادراك شيئ هام سبق ان ذكرته مرارا، من أن العقل ولا شيئ سواه هو السبيل الوحيد لمعرفة الخالق الحقيقى، لانه هو الاداة الوحيدة التى منحنا اياها هذا الخالق لتمكننا من التمييز والفهم والادراك.. للاستمتاع بمنحته الكبرى لنا.. الحياة
عندما يُهبط الانسان خالق الكون ويحوله الى كائن اشبه بالسيد، الامر الناهى، المانح المانع، المعز المذل، يكون الانسان قد خطى الخطوة الاولى نحو تجسيد من لا يصح او يجوز التدنى به الى فكر البشر.. لان الخالق، فى اعتقادى، آسمى من ان نحوله نحن البشر إلى مثيل لنا. إذن.. من هو هذا الخالق؟ وكيف اكون على يقين ان هناك خالق؟ لماذا خلقنى؟ ولماذا سأموت؟ ولماذا خلق الكون؟ وما الحكمة من الوجود؟ ولماذا لا يعلن على الملآ.. انا الخالق وليس من تعبدون؟ لماذا لا يكشف عن ذاته لنستريح أو يريح العالم من النزاعات الدينية والحروب والكوارث؟ لماذا هذا الصمت الازلى؟
وتعود بنا هذه التساؤلات الى الحديث عن العقل مرة اخرى... العقل الذى يطرح سؤال اخير... هل اعطانا الخالق القدرة العقلية على التساؤل وتركنا دون أداة تنتشلنا من مستنقع الخرافات والاساطير؟
الواقع انه اعطانا... اعطانا العقل... فإما ان نحترم إرادته ونستعمل هذا العقل الى اقصى قدراته، او نترك انفسنا فريسة للاساطير. الرائع فى الامر انه اذا عدنا لاسئلتنا وتمعناها جيدا لوجدناها تحوى الاجابة التى نبحث عنها
كيف لى كبشر ان ادرك ان للكون خالق؟
اعتقد انه مهما حاول الانسان الاجابة على هذا السؤال فلن يجد سوى إجابة واحدة يزكيها العقل، فمنذ بداية الكون والزمن وفقا لنظرية البيج بانج او الانفجار الكبير، حيث اصبح للكون الذى نعرفه وجود، تشكلت المجرات بما تحويه من نجوم بعد 300 مليون عام، ولم تظهر عناصر الحياة الاولى الا منذ 3.8 بليون عام، وبقيت نظرية الانفجار الكبير مجرد نظرية حتى عام 1990 حين استطاع علماء الفلك باستخدام مستكشف الاشعة الكونية (كوبى) من التأكد من ان اشعاعات الميكروويف الكونية فى اتفاق تام تقريبا مع نظرية الانفجار الكبير، وزاد التأكيد عام 1992 باستخدام نفس عملية الفصل الاشعاعى التى اثبتت مجددا ان تلك الموجات الاشعاعية جزء من البنيان الاولى للكون، وبرغم ان عقل الانسان استطاع الوصول الى تلك الحقيقة المؤكدة عن بداية الكون.. إلا انى اعتقد ان اى عقل سوى سيرفض حتما ان نكون نحن البشر بصفاتنا التشريحية وقدراتنا العقلية مجرد نتاج عشوائى لانفجار كبير! وكما يرفض العقل تلك الفكرة لانها لا تتوافق مع المنطق، وجب رفض اى فكر لا يتوافق مع المنطق وحقائق الواقع، فلا يصح لاحد ان يصدق احمق يدعى انه خلق الارض اولا ثم خلق السماوات وما بينها، بينما نحن على بينة ويقين من ان الارض لم يكن لها وجود قبل الشمس! وانه لم يكن للشمس وجود قبل ان تتكون المجرة التى تحوينا، ولم يكن لمجرتنا وجود قبل ثلاثمائة مليون سنة بعد الانفجار الكبير! لآنه لم يكن للمجرات وجود أصلا قبل بداية الانفجار الكبير، فهل يصدق عقلك خرافات القرآن والحديث ويكذب علم الكوزمولوجى؟
لو نظرنا الى الانسان والحيوان والنبات لوجدناها تجمع فيما بينها لغة راقية موحدة مهما إختلفت الاجناس والاصوات والنبرات وتفاوتت الاشارات والموجات، لغة تؤكد شيئ واحد وهو.. انها من منبع واحد، ومبرمج مبدع واحد، لغة يقبل العقل والمنطق انها من ابداع الخالق
لقد منحنا الخالق القدرة العقلية على التمييز بين العشوائية والنظام، كما قدر لنا ايضا ان نفكر ونتأمل ونقارن ونشكك ومنحنا حرية مطلقة على التخيل إلا فيما منعه عن ادراكنا! لم يشاء الخالق ان يعطينا القدرة على تصور العدم، فبمقدورنا ان نفرغ الكون من كل ما يحتويه ولكن لن تستطيع عقولنا تصور انعدام وجود الفراغ نفسه، ربما لان العدم هو الوجه الاخر للوجود، وربما لانه بداية الطريق الى الخالق! فمن منا لم يسأل نفسه... إذا كان الانفجار الكبير هو بداية الخلق والزمن كما اثبت العلم، فبماذا نفسر بداية وجود، ومراحل تطور ما ادى اليه؟ واذا ما افترضنا انه الخالق وقد شاء ان يكون للكون والزمن قائمة، وقد كان هو نواة هذا الكون والزمن، وما الكون والزمن الا هو، إذا فكيف كان للفراغ ان يحتويه؟ وهنا يصطدم العقل مرة اخرى بهذا الحائط المنيع... الفراغ... هذا السهل الممتنع الذى يحتوى الكون والزمن و يؤدى الى بداية الطريق الى الخالق
من يتأمل عن علم.. ابداع الخالق، يدرك تماما ان الكون بما فيه خاضع لقوانين ثابته لا تتغير، قوانين تعكس قدرة ومشيئة محسوبة وخالية من العشوائية، وهذا ما يدفعنى للاعتقاد بأن الخالق مسيطر على منظومة الكون بقوانين وضعها وقدر لها ان تكون المحرك الوحيد، وثبات هذا النظام المحكم هو ما ينفى فى رأيى عن الخالق صفة التعديل أو التطوير، ينفى عنه التدخل فى امور الكون وما يحتويه، لان الكون يسير وفق قوانين ونظم مسبقه وضعها لتعمل دون تدخل او تعديل، وهذا ما ينفى عنه ارسال رسل او انبياء
ردا على التساؤل عما اذا كنت اعتقد ان الخالق واحد ام اكثر من واحد يعود بنا الى محاولة تشبيه الخالق بفرد او مجموعة افراد يتولى كل منهم شأن من شئون الكون وهذا فى رأيى لا يرقى بالبحث عن ماهية الخالق بقدر ما ينحدر الى مستوى عقيم من الفكر الدينى الذى لايكف عن مقارنة الخالق بالبشر
لماذا يبحث الدينيين دائما عن إله شبيه بهم كبشر؟ إله يحلل ويحرم، إله يعاقب ويجزى، إله يرى ويسمع، إله يغفر ويرحم! لماذا يصدقون ما جاء فى كتب خطتها يد بشر مثلهم ويرفضون معرفة الخالق الحقيقى وقوانينه الثابتة التى لم تتغير ولن تتغير؟ لماذا يعتقدون بإله يعد باستجابة الدعاء والواقع يؤكد ان القائل بذلك كذب! وان الواقع ان الخالق لا ينصت لاحد ولا ينقذ احد ولا يكترث اذا ظلمت او اذا ظُلمت ولا يأبه ان تحطم رأسك او رأس طفل رضيع فى حادث او حرب او كارثة طبيعية، لانه لا يتدخل ولا يعدل ولا يغير شيئ فى كون وضع نظامه قبل ان يوجده، ومنحنا العقل لنفكر ونتدبر امورنا، فإذا ما عرضنا انفسنا الى المخاطر عن عمد او جهل، وجب علينا الا نلوم إلا انفسنا
لقد منحنا العقل لنتدبر، لنفكر، لنقنن، لنبحث، لنتعلم، ومنحنا حرية الاعتقاد بوجوده من عدمه دون إلزام او إكراه، فلماذا الاصرار على التبعية؟ لماذا الاصرار على رفض الواقع والتشبث بخرافات واساطير الاديان؟
يمكنك تحميل نسخة من الفيديو عالية الجودة بالضغط هنـــا